Essay Bahasa Arab, Hubungan Pendidikan Bahasa Arab dan tantangan global

علاقة تعليم اللغة العربية وتحديات العولمة
بين انفصام وانسجام
بقلم : أحمد مكّي لازوردي*

ديباجة
إن اللّغة العربيّة على مرّ الأيام والسنين لا تزال تتمتّع بحظّ كبير من العناية الربّانية، تتمثل ذلك في وجود حِفاظ أبنائها من تَطاول أيدي العبَث ذوي الأغراض الفاسدة نحوَ أصالتها, وهذه المِيزة بلا شكّ تؤوب إلى كرامة حفظ الله القرآن الكريم ردحاً من الزمان. شاهد ذلك قوله جلّ شأنه:

Read More

إنا نحن نزلنا الذكرى وإنا له لحافظون
, وكفى لهذه الآية الكريمة ضمانا لهذه اللغة الشريفة من اندثار معالمها وانهيار دعائمها واندراس بنيانها, ذلك لأن القرآن عبارة عن معيار أساسي لفصاحتها ومقياس أصيل لأصالتها. وأتت بإزاء كتاب الله الأحاديث النبوية التي تشكّل أكبر مخزونات لغوية وذخائر علمية وهي محفوظة ومحرّرة بطريقة مُذهلة من رعاية غير عادية من أرباب السنة و رجالها حتى تصل إلينا متوّجةً بالأسانيد ومكللّةً بالاستيثاق الذي ذهب بالشكّ حول صحتها كما قد ألقى الضوء عليها علماء أصول الحديث . وفي المرتبة الثالثة الكمّ الهائل من أشعار العرب وهي التراث الأدبي الراقي وقد حالفها الحظّ من وجود الاهتمام البالغ من أهل اللسان مذ زمن بعيد عبر جمعهم الدواوين الشعرية والمنثورات الأدبية وكل ما له صلة متصلة بهذه الناحية.
ثمّ ننتقل الآن بعد تلك الديباجة إلى ظاهرة عالمية تسمى بالعولمة تتوخى إلى سلبِ خاصية الأصالة التي ألمحنا قبل ونسفِ ما لها من مكانة لدى ناطقيها. وهي إن لم يكن لدينا وعي من شأنها أن تمنع تداول العربية وانتشارها بل حبسها في إطارات ضيقة. هذا المصطلح -بغضِّ النظر عن الاختلاف الواقع حول اشتقاق هذه الكلمة من مادة “علم” أو “عالَم”- يعني به أن تتحد كل شعوب في جميع أمورها على نحو واحد وهيئة واحدة في الجملة فيكونوا كبيت واحد. فالعولمة كما قال الباحثون لها مفهومان اثنان, ايجابي وسلبي، مفهومها الإيجابي هو تعيميم حركة تطبيق ما على العالم كله، مثلا عبارة”عولمة السلام” هذه الكلمة أو أشبه ما تكون بشعار يعني به حمل كل الشعوب على السلام ونسب التناحر والحروب وأسبابها. أما مفهومها السلبي هو السيطرة الغربية والهيمنة الجنونية من أورباّ على العالم كله بكل حيل خبيثة وسياسة مدروسة من أجل إدانة العالم تحت سلطانها وبالتالي التدخّل السياسي المقرون بالمؤامرات التي ترتدّ حقيقة إلى إحراز المصالح الغربية, والسياسة الأمريكية الإسرائيلية على العالم الإسلامي سرٌّ مكشوف وحقيقة مخزية لهذا المفهوم.
بعد هذا البيان المختصر، ندرك أن الخطر داهم في الحِفاظ على اللغة العربية نظرا إلى مدى تأثير كبير من العولمة في تلوين العالم بأجمعه بطراز يتناسب مع أذواق قوم دون قوم, انطلاقا من العولمة بالمعنى السلبي. فالواقع يقول: إن الانجليزية مثلا قد احتلت وطغت مكانة لغات العالم، ولا أبالغ إن قلت –كما قال بعض الباحثين حول القضية- إن 3000 أو 4000 لغة قائمة هذا اليوم ستختفي خلال هذا القرن, ومقدّمات هذا التوقع واقع مشاهَد. لا سيما إذا التفتنا إلى دور الإعلام العالمي الذي يأخذ تجواله بشكل سريع وانتشاره بشكل ذريع ويقطع حدود المسافات والقارات، والتدخّل السياسي الغربي على كثير من قضايا العرب والمسلمين إلى حدّ كبير. ومما يزيد الطين بلّة افتقاد العرب والمسلمون هويّتهم العربية والإسلامية ولايعتزون بهذه اللغة التي تتسم بطابع ديني كأول اعتبار. مع أن اللغة والدين كما قال بعض الباحثين حصنان منيعان تتمرس خلفهما كل أمة للدفاع عن نفسها أمام أي هجوم يستهدف هويتها الذاتية والقومية والثقافية.
حاجة تعليم اللغة العربية إلى مسايرة العولمة
والذي يعنينا في هذا الصدد هو موضوع تعليم هذه اللغة الذي تمّ إجراءه في المعاهد الدينية إلى أبناء الإسلام بتعبير أدق أبناء شعبنا إندونيسيا, نرى –والله أعلم- أن تعليم اللغة العربية في كثير من الأربطة الإسلامية أن التركيز فيه إلى النظرية أكثر منه إلى التطبيق. هذه الظاهرة المؤسفة مما لايغيب عن الأذهان ولايختلف فيها اثنان ولاينتطح فيها عنزان, فاللغة تفتقد ركيزتها الرئيسة ألا وهي الاتصال , فيظل الدارس بعد مرور المراحل التعليمية الطويلة ضعيفا حتى عن أساسيات المهارات اللغوية الأربعة. تجده يعاود طلب التكرار غير مرة أو مرتين عند استماع الكلام العربي من العرب الأقحاح, أو يلحّن لحنا فاحشا عند النطق بالحروف العربية، أويتتعتع فيها عند أداء الحوار، أو جلس حائرا عاجزا عن تحرير الإنشاء العربي ولو فقرة واحدة, هذه كصورة عامة عن الفتور اللغوي الذي يقاسيها أبناء إندونيسيا.
ولا نشك أن تعليم اللغة العربية على “الطراز الكلاسيكي” أو ما يصطلحونه بطريقة النحو والصرف بمعنى التعمق وراء الفنون العربية والغوص في غمار علوم الآلات دون عناية كبيرة إلى الجانب الاتصالي لها مبرراتها قديما, بحكم أن الفرص لإقامة التواصل المباشر وجها لوجه لم تكن متاحة. وذلك يعود إلى عدم تيسّر أمر المواصلات والاتصالات وقلة دور وسائل الإعلام بجانب، والسفريات إلى خارج البلاد مقصورة عموما على أداء فريضة الحج، باختصار شديد أن الدواعي للاتصال المباشر غير ماسة . لكن تلك المبرّرات قد ذهبت أدراج الرياح وانقلب الحال إلى مائة وثمانين درجة عند رؤيتنا إلى واقعنا المعاش، حيث أن الاتصال بين أقاصى البلاد صار يسرا بعد أن كان عسرا , والدواعي إلى ذلك داعية للغاية لأن صورة الحياة المعاصرة بيما فيها من متطلبات تخرق كل حدود، بغية الوصول إلى مصالح شتى سياسية و اقتصادية وغيرها. فلتكن هذه الحقيقة نصب أعيننا ولا يجحد هذه الحقيقة التي هي أجلى من الشمس في رابعة النهار إلا متجاهل مكابر.
تفاصيل ذلك على سبيل المثال لا الحصر، يتيح كل مدرس اللغة مجالا أوسع لدارس لغة الضاد أن يتقنوا المهارات الأربع وما لها من أهداف عامة حسب المراحل المعروفة بدءا من المبتدئ مرورا بالمتوسط ونهاية إلى الماهر بل المتذوق. حتى يستطيع أن يكوّن رابطة الاتصال مع أبناء اللغة من العرب الأصلاء, سواء في مجالات العلم والمعرفة وهي تحتلّ المقام الأول، أو مجالات دبلوماسية سياسية نظرا إلى أن موقف مسلمي إندونيسيا لها دويّها وأثرها تجاه مشكلات الشرق الأوسط، أو مجالات اقتصادية كبروز ما تسمى بالغرف التجارية وتحديات نظام السوق العالمي, أو مجالات الصحافة والإعلام التي كان دورها اليوم أشبه ما يكون بدور الشعر والشعراء أمس, وغير ذلك.
هذا لا يعني أن تعليم اللغة العربية يهدف إلى أهداف خاصة بعد أن كانت أهدافه أخروية عامة, لكنه عبارة عن محاولة في خلق دافعية للطلاب أن دراسة هذه اللغة أيضا واعدة بالنجاح في الشئون الدنيوية، حتى تنغرس في أذهانهم أن العربية لغة قائدة في المجالات العلمية ورائدة في سياسة العالم، وينزاح بذلك اتهامات باطلة من أنها لغة جامدة, بهذه المقاربات (approach) إن شاء الله يستميل المدرس رغبة الدارس ويستنهض همته لدراسة هذه اللغة.
إذن هيا بنا نعكس عوامل الخطر إلى أسباب الظفر، بما في ذلك من الاستفادة بالجديد عبر أجهزة تعليمة ومناهج معاصرة والاستعانة بظواهر العولمة من وسائل الإعلام التي من شأنها تقرّب البعيد ويجعل كل السبل لنشر المعلومات معبّدة. ولا نحجّر تعليم اللغة العربية في نطاق المدرسة الدينية فحسب، لكن نجعلها أكثر ملائمة بالعصر الحديث, يتناول كل نواحي التمدّن اقتصاديا وسياسيا وثقافيا, فهذه الحركة “قفزة عالية” نحو مستقبل اللغة العربية أكثر إبراقا.

خاتمة
من ذلك المنطلق القصير، من الجدير أن نعيد النظر حول تعليم اللغة العربية السائد في المعاهد والمدارس من الاقتصار داخل الإطار العلمي المعرفي وننتقل إلى إطار أجدى لكل دارس وأجدر لمسايرة العولمة ألا وهو الإطار الاتصالي. وإن الأخذ بالحيطة أمام هذه الظاهرة هو العودة إلى الاعتزاز بهذه اللغة وتجسيده بالمساعي المبذولة في نشر هذه اللغة إلى أرجاء المعمورة، بأساليب أخّاذة سيما مع التطورات الهائلة في مجالات التعليم. انطلاقا من الشعار المتداول بين المنتمين إلى دوحة نهضة العلماء القائل: “المحافظة على القديم الصالح والأخذ بالجديد الأصلح” . والله ورسوله أعلم.
* مدرّس مادةّ الإنشاء وعضو قسم اللغة العربية بمعهد دار اللغة والدعوة

العولمة : Globalisasi
الأصالة : Otentisitas
اندثار المعالم : Rambu-rambu yang pudar
انهيار الدعائم : Runtuhnya pilar-pilar

Jangan Lupa Share klik

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *